عنوان الموضوع : تنظيم الوقت للسنة 2 ثانوي
مقدم من طرف منتديات الضيافة العربية

ما هو تنظيم الوقت؟
في البداية، تنظيم الوقت مصطلح غير دقيق، الأصل أن يكون: إدارة الذات، لكن الناس تعودوا على مصطلح تنظيم الوقت ولذلك أستخدمه في مقالتي هذه، فما هو تنظيم الوقت؟
  1. تحديد ماذا تريد أن تفعل.
  2. إنجاز ما قمت بتحديده من أفعال.

هذا هو أساس تنظيم الوقت، هناك من يضيع الكثير من الوقت في النقطة الأولى، يخطط ويرتب ولا ينفذ ثم يعيد التخطيط، وهكذا يدور في دائرة مفرغة ولا ينهي شيئاً، تتراكم عليه الأعمال ويزداد الضغط عليه، من الأفضل هنا لهذا الشخص أن يقوم بالتنفيذ مباشرة لأن إنجاز الأعمال أهم بكثير من التخطيط لإنجازها، التخطيط يجب ألا يأخذ الكثير من الوقت، لأنه وسيلة وليس غاية.
إبحث عن قمة أعلى
إذا قمت بتحديد هدف ثم أنجزته فعليك أن تكافئ نفسك وتسعد، لأن الكثير من الناس حولك لا يخططون أصلاً ومن يخطط منهم قد لا يحقق شيئاً، في نفس الوقت عليك ألا تقف كثيراً عند ما حققته، إبحث عن هدف آخر، هدف يحوي تحدياً أكبر بقليل، تصور أنك شخص يتسلق الجبال، فتبدأ بجبل صغير ثم تبحث عن قمة جبل أعلى بقليل، تدرج في خطواتك وفي تحقيق أهدافك.
إكسر الأحجار الكبيرة
تصور أن عليك إعداد تقرير ما لمديرك، ما هي أول خطوة يجب أن تقوم بها؟ جمع مصادر المعلومات للتقرير، مصادر المعلومات قد تكون بيانات حكومية رسمية، إحصائيات، كتب، صور وغيرها، هذه المهمة قد تستغرق منك ساعة أو أكثر أو ربما ربع ساعة، الأمر يعتمد على نوعية التقرير، على أي حال، عليك أن تكتب في دفتر أو برنامج التنظيم الخاص بك: جمع مصادر المعلومات لتقرير كذا وكذا.
من الخطأ أن تكتب: إنجاز تقرير كذا وكذا، لأن إنجاز التقرير يتطلب أعمالاً مختلفة، يجب أن تحدد ما هي هذه الأعمال وتنجزها، الانتهاء من التقرير هو الهدف وليس الوسيلة.
قسم المشاريع الكبيرة إلى أعمال صغيرة وأنجز هذه الأعمال، بهذا الأسلوب سترى أن المشاريع الكبيرة أصبحت سهلة، لكن إن لم تفعل ستراها كالحجارة الكبيرة، يصعب عليك تحريكها، فاكسر الأحجار الكبيرة.
أنجز ما تريده الآن
تصور أن عليك إنجاز بحث لأحد أساتذة الجامعة، البحث قد يستغرق منك عشر ساعات لإنجازه، أغلب الطلاب لا يقومون بإنجاز البحث في جلسة واحدة، بل يقسمون العمل إلى عدة ساعات متفرقة، لماذا لا تجرب أن تنجز البحث في جلسة واحدة؟ هذا الأسلوب في العمل يجعلك أكثر فعالية لأن عقلك لا يفكر إلا في مهمة واحدة.عندما تقوم بعمل ما ثم تنتقل إلى عمل آخر يضيع الكثير من الوقت ومن طاقة عقلك في عملية الانتقال هذه، حاول أن تتذكر لحظة أو يوماً كنت تنجز عملك فيه بفعالية عالية، في الغالب سيكون عقلك في هذا اليوم أو في هذه اللحظة مركزاً على شيء واحد فقط ولم يقاطعك أي شيء آخر، تركيز العقل على مهمة واحدة يشبه تحليق الطائرة، تحتاج الطائرة في البداية إلى طاقة كبيرة للطيران، بعد ذلك يكون التحليق سهلاً ولا يستهلك الكثير من الطاقة، كذلك تركيز العقل على عمل محدد، تحتاج في البداية إلى بعض الوقت لكي تركز انتباهك على عمل ما، بعد ذلك سترى أنك تنجز العمل بشكل أسرع وأكثر فعالية، لكن إن قاطعك أحدهم ستتمنى أن تقذفه بشاشة الحاسوب … لا تفعل!
تقسيم العمل وإنجازه في أوقات مختلفة يستهلك الوقت لأنك قد تؤجل إنجاز العمل وتتكاسل، بينما إجبار نفسك على إنجازه في جلسة واحدة قد يجعلك تنجز كل أو معظم العمل وتوفر على نفسك الكثير من الوقت، هذا الأسلوب قد لا يناسب الجميع، لكن لماذا لا تجرب؟
إجمع كل شيء
إذا أردت فعلاً أن تحصل على راحة العقل فاجمع كل شيء تريد فعله ودونه، كل صغيرة وكبيرة، لا تترك شيئاً دون أن تكتبه في ورقة، بعد ذلك قرر ما الذي ستفعله تجاه كل مهمة، بعض المهام لا تحتاج سوى دقائق قليلة، أنجزها فوراً، ستتخلص بهذا الأسلوب من بعض المهمات، ستبقى لديك مهمات أخرى تحتاج لوقت أطول، ضعها في قائمة أعمالك، بعض المشاريع والأفكار يجب أن تضعها في قائمة الانتظار أو قائمة “في يوم ما”، فمثلاً أنت تريد السفر إلى اليابان في وقت ما من المستقبل، ربما بعد سنتين أو ثلاث سنوات، ضع هذه النقطة في قائمة الانتظار، هناك أمور كثيرة نريد أن نفعلها لكن لم نحدد وقتاً ما لإنجازها، هذه يجب أن تضعها في قائمة منفصلة ولا تترك عقلك يذكرك بها بين حين وآخر.
كذلك هناك أعمال يجب ألا تقوم بها، أعمال لا تحقق أهدافك، أو مضى وقت طويل ولم تعد هناك حاجة لإنجازها، تخلص منها لا تلزم نفسك بإنجاز كل شيء لأنك فكرت فيه في الماضي.
الحد الأدنى من التنظيم
إذا كنت تشكو من ضيق الوقت وكثرة الأعمال فاصنع معروفاً لنفسك ودون ما عليك فعله، هذا أقل شيء يمكنك أن تفعله، أكتب ما عليك أن تفعله غداً في ورقة أو في هاتفك النقال أو حاسوبك المحمول أو بأي وسيلة أخرى، لا تكن واثقاً بذاكرتك لأن الذاكرة ستخونك كثيراً، أكتب لأن هذا يزيل بعض الحمل عن عقلك فيجعلك أكثر استرخاء، عقلك يدرك هنا أن أعمالك قد كتبت في مكان آمن ويمكنه أن يفكر في أشياء أخرى.
يمكنك أن تحسن هذا الأسلوب قليلاً، الأعمال التي يجب ان تقوم بتنفيذها مقسمة إلى نوعين، الأول مرتبط بيوم أو وقت محدد، والثاني غير مرتبط بأي وقت، فمثلاً لديك موعد عند طبيب الأسنان في يوم ما، وعليك إجراء اتصال بشخص ما في أي وقت من يوم محدد، هذه الأعمال عليك أن تضعها في الروزنامة أو أي وسيلة أخرى يمكنها أن تذكرك بهذه الأعمال، بعض برامج الحواسيب توفر وسيلة لتدوين هذه الأعمال وتنبيهك قبل حلول موعدها، ربما هاتفك النقال يحوي أيضاً مثل هذه الخاصية، فحاول أن تستفيد من أي وسيلة تناسبك.
النوع الثاني من الأعمال الذي لا يرتبط بأي وقت محدد عليك أن تضعها في قائمة، ثم تنجز هذه الأعمال في الوقت المناسب لك، هذا في اعتقادي هو الحد الأدنى من التنظيم، وإن لم تستخدمه فبكل تأكيد ستنسى إنجاز الكثير من الأمور، يزداد الضغط عليك ويزداد لوم الآخرين لك بسبب نسيانك بعض الأعمال، فأرح أعصابك ونظم نفسك … قليلاً.
تخلص من كل شيء لا تحتاجه
هذه النقطة تبدو سهلة عند قراءتها، لكن من بعض التجارب والمشاهدات أرى أنها صعبة لدى البعض وشبه مستحيلة لدى البعض الآخر، شخصياً لا أجد شيئاً أسهل من التخلص من ممتلكاتي، أراجع أوراقي دائماً لأتخلص مما لا أحتاجه ولم يحدث مرة أن احتجت لورقة تخلصت منها سابقاً، مكتبتي الآن أصبحت صغيرة جداً مقارنة مع مكتبتي قبل ثلاث سنوات، أكثر الهواتف النقالة التي اشتريتها إما قمت ببيعها بسعر رخيص أو أعطيتها لشخص ما، دائماً أحاول التخلص من كل شيء لا أحتاجه.
الكثير من الناس يجمعون الأوراق، المجلات التي يريدون قراءتها، الكتب، الصور، ساعات، هواتف نقالة، هدايا تذكارية، الملابس وغيرها الكثير من الأشياء، ولا يتخلصون من شيء أبداً، فتضيع أوقاتهم في تنظيم وترتيب وتخزين كل هذه الممتلكات، وغالباً ما تكون لديهم أعذار للاحتفاظ بهذه الأشياء، فقد أنفق 500 درهم لشراء هذه الساعة، و1400 درهم لشراء هذا الهاتف، ومع أنه أشترى هاتفاً آخر ولا يستخدم القديم إلا أنه لا يريد التخلص من القديم، لأن التخلص من القديم يعني الخسارة، لا أدري كيف يكون الاحتفاظ بالهاتف القديم يعني أنه لم يخسر شيئاً! فعدم الاستخدام يتساوى مع التخلص من الشيء الذي لا تحتاجه، البعض طبعاً يتحجج بأنه قد يحتاج إلى هذا الشيء أو ذاك في المستقبل، “قد” هذه تتسبب في تراكم الأشياء بدون فائدة.
جرب أن تعطي الآخرين بعض ما تحتفظ به، الملابس القديمة والنظيفة التي لم تعد تلبسها تبرع بها، أهدي بعض ما لديك للآخرين أو بعها، تخلص من كل الأوراق التي لا تحتاجها والتي تشك في حاجتك لها احتفظ بها في صناديق لمدة ثلاثة أشهر، بعد ذلك تخلص منها فأنت في الغالب لا تحتاجها.
باختصار: بسط حياتك بقدر الإمكان، في وقتنا هذا كل شيء يسير بنا نحو التعقيد، وتخزين الأشياء لا يزيد حياتنا إلا تعقيداً.
تنظيم الوقت والالتزام الشخصي وما يلف لفه

الوقت، أو التوقيت، أو الزمن بالنسبة إلى الفيزيائيين والرياضيين والزمان بالنسبة إلى الفلاسفة...
يقول المثل: احترام المواعيد من شيم الملوك. ويحكى أنه كان للألمان مثل في القرن السابع عشر مؤداه أنه كلما تحدثوا عن شخص منضبط وغاية في الالتزام بمواعيده يقولون: "هذا الشخص يحترم الأوقات مثل العربي"، وقد يكون مرد هذه المقولة أن الألمان لاحظوا أن العرب المسلمين يحترمون يوميا أوقات الصلاة، وأن الأذان يقام في أوقات مضبوطة محددة ودقيقة، وأن الإفطار في رمضان والإمساك محددان بالدقائق إن لم نقل بالثواني. ويبدو أن أبناء غوته لا يعلمون أن هناك أبوابا كاملة في الفقه الإسلامي حول قضاء الصلوات الفائتة وترقيع الصلوات للمتأخرين وغيرها من الأبواب الفقهية التي خصصت لمن يتأخر بعذر أو بدون عذر. اللهم استر عوراتنا...

طيب، عودة إذن لموضوعنا، سنتحدث في هذه الحلقة عن النقاط التالية:
أهمية تنظيم الوقت: أي اختيار أوقات العمل مع اعتبار ما يلي:
1) ما أحسن وقت لإنتاجيتك؟
2) متى تبحث عن الأعمال؟ في أي وقت يمكن أن يتصل بك الزبائن أو أن تتصل بهم؟ متى تذهب إلى المصرف إلخ؟؟
3) ما عدد الساعات التي ستخصص لعملك؟
4) احترام الآجال.

1) ما أحسن وقت لإنتاجيتك؟
أنت الأقدر على الإجابة عن هذا السؤال.
من مزايا الانتصاب مترجما مستقلا أنك تكون مدير نفسك، فلا أعراف تنتظرك في المكتب في وقت محدد، ولا ملاحظات ولا نظرات مشحونة بالتأنيب ولا خصم من المرتب في نهاية الشهر. هذا هو الجانب الإيجابي، أما الوجه الآخر للعملة فهو أنه يتعين عليك أن "تلزم نفسك ما لا يلزم" كما فعل أبو العلاء المعرّي رحمه الله في لزومياته.

للإجابة عن هذا السؤال، أرى أن استعمال الطريقة التجريبية يعطيك نتيجة موثوقة يمكن أن تبني عليها. فعلى سبيل المثال: انظر إلى نتيجة عملك وسرعة إنتاجك للنصوص المترجمة في فترات مختلفة من اليوم والليلة: في الفجر والصباح الباكر (من الساعة الثالثة صباحا إلى السابعة) / في الصباح والضحى (من الثامنة صباحا إلى منتصف النهار)/ بعد الزوال وفي المساء (من الواحدة إلى الخامسة أو السادسة) في النصف الأول من الليل (من السابعة إلى منتصف الليل / في النصف الثاني من الليل (من منتصف الليل إلى الفجر).
حاول أن تدون النتائج في جدول ترسمه لهذا الغرض، فالنتيجة غاية في الأهمية إذا كنت تعتبر أن جودة الإنتاج وسرعة الإنجاز لهما قيمة كبيرة وأن مهنتك تستحق هذا العناء والتنظيم.

إن هذا الاستبيان الشخصي على جانب كبير من الأهمية لسبب مهني وعملي بحت يجد تفسيره فيما يلي: ينقسم عمل المترجم إلى عدة عمليات ذهنية تبدو متشابهة لكن المتمرسين يعلمون أن بعضها يختلف عن البعض الآخر، ومنها:
البحث في المسارد وغيرها من المراجع عن الكلمات والعبارات المستعصية أو التقنية المتخصصة أو المصطلحات المتداولة؛ فعلى سبيل المثال، ليس مؤكدا أن نجد من الوهلة الأولى الترجمة الإنجليزية لمصطلح: "التنكس البقعي المرتبط بالسن" أو المرادف الألماني لاسم: "خنفساء البطاطس"... ولا تعريب كلمات دقيقة ومصطلحات فنية أجنبية؛
  • عملية الترجمة أي تحويل النص بمعانيه وروحه من لغة أجنبية إلى العربية أو العكس؛
  • عملية المراجعة وتنقسم إلى مراحل مختلفة: مراجعة النحو والصرف وسلامة اللغة؛ ومراجعة الشكل وعلامات الترقيم بما فيها المزدوجتين (فقد يحدث أن تفتح الأولى وتنسى الثانية....)؛ ومراجعة مدى أمانة نقل النص الهدف لمضمون النص الأصلي من حيث المعنى والروح (فثمة من يترجم نص اتفاقية دولية وكأنه يتحدث عن مباراة كرة قدم، علما بأن الفرق تضاءل في عصرنا هذا...)؛
  • عملية حساب الكلمات أو الصفحات أو الوقت، حسب اتفاقك مع زبونك، ثم الفوترة مع التثبت من الأرقام (فالصفر قد يغير مدخولك سلبا بتسعمائة دولار أو يورو إن كتبت 100د بدلا من 1000د وعلى الرغم من إمكانية استدراك الخطإ، فمن الممكن أن يخلف ذلك انطباعا سيئا في نفسية زبونك).

ومن ثم، كانت هذه العمليات المختلفة واللازمة في ممارسة مهنتنا، تتطلب جهدا ذهنيا وتركيزا كبيرا يختلف من عملية إلى أخرى. فمن الممكن أن تختار الوقت الذي تكون فيه قواك الذهنية أكثر نشاطا وتأهبا للقيام بالعملية الثانية أو الأخيرة، ووقتا آخر للعمليات الأخرى. كما يمكنك أن ترجئ العمل الذي يتطلب تركيزا فائقا إلى وقت يكون فيه المحيط هادئا حواليك...الخ.
فلتبين هذه الأوقات بصفة علمية تعتمد على التحليل والتجربة، قد يكون من المجدي أن تحدد هذه الأوقات وتعوّد نفسك على العمل فيها، بعد أن تستبين الأوقات الأكثر ملاءمة لطبيعة العمل الذهني المطلوب منك...
لكن على الرغم من كل هذه المعطيات، من الممكن أن يصادفك واقع آخر قد ينيخ بكلكله عليك ويجبرك على التأقلم معه لأنه لا خيار لك، ومن ذلك على سبيل المثال:
2) متى تبحث عن الأعمال؟ في أي وقت يمكن أن يتصل بك الزبائن أو أن تتصل بهم؟ متى تذهب إلى المصرف
إذا كنت قد استنتجت أنك تترجم بصفة ممتازة وبسرعة فائقة في النصف الثاني من الليل مثلا، وتذهب إلى النوم في الصباح، فهل أنت متأكد من أنه لن يصلك في صندوق بريدك الالكتروني طلب من زبون يقترح عليك عملا ب 10 أو 10.000 دولار
إن هذا المعطى التسويقي هام جدا ولا بد من إدخاله في جملة المعطيات التي ترتكز عليها لتنظيم أوقات عملك. كما يمكن أيضا في هذه الحالة، أن تعلم زبائنك بأنك لا ترد على البريد الإلكتروني إلا في المساء أو في الليل أو في الصباح. ولا تخف من مثل هذه المبادرات، فبقدر ما قد يستاء من له عمل مستعجل (الدخل متواضع عادة)، سيحترمك الزبون المحترف، لأنه يقدّر أنك فكرت في الموضوع واخترت هذا الحل لمشكلة تدرك حيثياتها لأنك خبير بخبايا مهنتك.. وفي كل الأحوال، عليك أن ترى ما يجدر بك ولا أفضل من التجربة والمهم هو أن تطرح السؤال على نفسك.
هذا فيما يخص البريد الالكتروني، أما بالنسبة إلى الهاتف فحدث ولا حرج. سنتحدث عن الهاتف ووسائل الاتصال وتنظيمها في الفصل القادم إن شاء الله. أما ما يهمنا في هذا المقام هو أن تدرك أن الزبون الذي يرغب في مدك بترجمة مقابلها المادي محترم لن يتردد في الاتصال بك هاتفيا. فإذا كنت نائما ولم تسمعه، فذلك في حد ذاته رد بالنسبة إليه. وإن كنت نائما وأفقت، وكان يخاطبك بالفرنسية وأنت تجيبه بالإيطالية وبصوت أجش، لأن النوم لا زال يداعب عينيك، فذلك أيضا رد بالنسبة إليه. لكن يمكن أن تتدارك الأمر (لأنك مهني ومحترف، وجهزت نفسك لمواجهة مثل هذه الحالات) وتقول له: "عذرا، فقد أفقت للتو من النوم لأني قضيت الليلة بأكملها في إنجاز عمل مستعجل لأحد الزبناء الأوفياء، لكن لا بأس تفضل، فأنا كلي آذان صاغية !" كما يتعين أن تأخذ في حسبانك أنك تتعامل مع زبائن من أنحاء العالم كافة... ولتتذكر، على سبيل المثال، أنه عندما تكون الساعة الثامنة صباحا بتوقيت غرينتش، تكون الحادية عشرة في الرياض (السعودية) والسادسة مساء في سيدني (أستراليا) ومنتصف الليل في سان فرانسيسكو (الولايات المتحدة). ولا بد من اعتبار هذا المعطى في تنظيم أوقاتك، وخاصة في معاملاتك مع زبائنك، واستثماره لصالحك.
إن ما أسعى إليه من خلال التطرق إلى هذه الوضعيات (المقتبسة من صميم الواقع) هو أن تكون جاهزا في كل الظروف لمتابعة أعمالك والتأقلم مع شتى الوضعيات المهنية، وهذا معنى من معاني الحرفية.
المعطى الآخر الذي لا ضير من اعتباره في تنظيم أوقاتك يتمثل في المصرف وغيره من الخدمات التي قد تستعملها بصفة دورية. عليك أن تختار يوما في الأسبوع للذهاب إلى المصرف والاطلاع على كشوفاتك، لتتأكد من أن زبناءك سددوا ما عليهم، وهو موضوع سنتطرق إليه في حلقة أخرى إن شاء الله. أما الآن فلننظر:
3) كم ساعة ستخصص لعملك؟
هذا الأمر غاية في الأهمية لعدة اعتبارات منها: المردودية أو الإنتاجية [الكم]، وجودة الترجمة المنتجة [الكيف]، وتنظيم حياتك المهنية وحياتك الخاصة ووضوح الرؤية [نمط الحياة] وغيرها.
يجب أن تدرك أنه لم يطلب أحد منك أن تعمل لمدة 18 ساعة في اليوم. فإن كان ذلك حصل معك أكثر من مرة، فمن المستحسن أن نتوقف بعض الدقائق لنفكر سويا في هذا الأمر.

اسمح لي بأن أبدأ بنفسي وأقص عليك تجربة عشتها عندما كنت طالبا بإحدى الكليات الأوروبية. فعلى غرار معظم الطلبة الذين درسوا بالخارج من دون تمويل من والديهم أو ذويهم، كنت أبحث عن أعمال ومهن مؤقتة أجني منها بعض المال حتى أستعين به على مصاريف الإقامة والدراسة... ووجدت مع صديق لي من الجزائر عملا في شركة صوني اليابانية الشهيرة يتمثل في فتح بعض الحاويات الورقية (كرتون) وإخراج محتواها الذي يتمثل في آلات راقنة من الصنف الرفيع. كان العمل متسلسلا بحيث كنا، أنا وصديقي الجزائري، نفتح الحاويات ونخرج محتواها ونضعها على حزام دائري يحملها إلى مجموعة من الفنيين اليابانيين الذين يتولون فك بعض القطع منها وتركيب قطع أخرى في عملية معقدة ودقيقة. وبما أن موقع عملنا كان عند انطلاق الحزام، فقد كانت مهمتنا أن نزودهم بالعمل. ففي الأيام الثلاثة الأولى، كنا نتعجب أنا وصديقي من بطئهم في العمل، إذ كنا نكدس الآلات وننتظر حتى يفرغ مكان على الشريط لإعادة التزويد، وقد لاحظنا أن لهم نسقا لم يتغير البتة لا في الصباح ولا في المساء، سواء عند دخول المشرفين أو عند خروجهم. وبما أنني كنت أدرس الهندسة المعمارية وكان صديقي الجزائري يدرس الهندسة الميكانيكية، فقد بدأنا نهندس مع بعضنا ونتساءل: إن العمل غير متوازن وإن مصمم هذا التقسيم جانب الصواب: كان من الأجدر أن يكون ثمة شخص واحد لتزويد السلسلة لا اثنان، ثم لماذا لا يسرع اليابانيون عندما يرون السلع تتراكم ولا يتحرك لهم أي إحساس ؟ بل لمَ نراهم في بعض الأحيان ينظرون إلينا باستغراب ؟ لم تطل تساؤلاتنا وهندستنا الفكرية، فقد أتانا الجواب بشكل عملي: أصبحنا من اليوم الرابع نسرع لنجهز لهم العمل لأننا لم نعد قادرين على العمل بنشاط كما فعلنا في الأيام الأولى. وعليه فقد استنتجنا أن عملنا كان عمل هواة في حين كان عملهم عمل مهنيين محترفين؛ فقد استعملنا مشاعرنا واندفاعنا وحماسنا، بينما استعمل اليابانيون عقولهم وتفكيرهم والتزموا بما أملاه عليهم المنطق والحساب: من الأفضل أن تنتج كل ساعة 10 قطع لمدة 8 ساعات (80 قطعة في اليوم) على امتداد شهر (22 يوما عمل ضارب 80 = 1760) على أن تنتج الأسبوع الأول 160 قطعة يوميا ضارب 5 = 800 قطعة، ثم تتوقف أسبوعين متتاليين لأنك أصبت بالإرهاق، وحتى إن لم تتوقف فستخاصم من حولك ويتكهرب محيطك، لأنك أرهقت أعصابك وجسمك وكللت من رتابة النسق المتبع...
إن المعدل المعقول والمنطقي للإنتاج اليومي في الأعمال الذهنية يتراوح ما بين ثماني وعشر ساعات على أقصى تقدير. فإذا اعتمدت هذا المعدل أو خفضته أو زدت عليه بعض الشيء، ستحصل على معطى من المعطيات الهامة التي تحتاجها في تنظيم حياتك المهنية ألا وهو: الطاقة الإنتاجية. وتختلف الطاقة الإنتاجية من شخص لآخر حسب سرعة القريحة والذكاء الفطري وكذلك حسب الخبرة والتكوين والتجربة وطبع كل واحد منا، فهناك عصبي المزاج وهناك الهادئ بطبعه.
المهم بالنسبة إلينا أن نحدد إمكانياتنا الإنتاجية من خلال تحديد ساعات العمل. وفي كل الأحوال، تتراوح السرعة الإنتاجية للمترجمين التحريريين، حسب الأشخاص والمواضيع ما بين ترجمة 1.000 كلمة في اليوم إلى حدود 5.000 كلمة يوميا. أما ما زاد عن ذلك فمرده للتقنية والبرمجيات التي يستعملها المترجمون لعدم إعادة ترجمة الكلمات والعبارات التي سبق ترجمتها، إذ يقدمها لك البرنامج جاهزة (ولهذا سمّي "ذاكرة ترجمة")، كما سنرى ذلك بالتفصيل في الفصول الأخيرة المتعلقة بذاكرات الترجمة والترجمة المستعينة بالحاسوب.
إذا عرفت معدل إنتاجك، فيمكنك أن تجيب عن سؤالين يطرحهما زبائننا بكثرة وهما:
سؤال مباشر: كم كلمة تترجم يوميا ؟
سؤال غير مباشر: متى تنتهي من هذا العمل؟ يكفي في هذه الحالة أن تقسم عدد الكلمات الإجمالي على معدل إنتاجك اليومي، وتضيف بعض الوقت الاحتياطي (من 10 إلى 30 بالمائة في العادة).

4) احترام الآجال
إذا أخذت بعين الاعتبار ما سلف وضبطت سياسة عمل وتوقيت لنفسك، فسيصبح احترام الآجال أكثر سهولة. وتعيدنا هذه النقطة إلى مقدمة هذا الفصل وإلى مزايا احترام الآجال الذي يعتبر من الأخلاق الحسنة في كل ميادين الحياة.
إن احترام الآجال أمر ضروري ويمكن أن تضيف إلى بطاقة زيارتك أو إلى موقعك على الشبكة أو إلى سيرتك الذاتية: أحترم الآجال. لكن لا بد من أن تكون لك آلية للالتزام بذلك. ويمكن أن تكون نيتك جد حسنة ولكن النتيجة: الله الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله... وقد حاولنا قدر المستطاع أن نبين لك المعطيات التي تساعد على احترام الآجال.
وعلى الرغم من ذلك، يدرك كل مترجم محترف سواء كان مستقلا أو موظفا أن بعض الظروف القاهرة قد تجبر المترجم على التأخر في تسليم عمله، وحتى هذه الحالة لها أدبياتها، فهناك نقطتان:
• الأولى أن تحاول منذ البداية أن تمهل نفسك بعض الوقت للقيام بدراسة متأنية للوثيقة أو النص المطلوب ترجمته حتى تحدد المدة الزمنية التي تلزمك؛ فإذا قدرت أن الترجمة ستتطلب منك عشرة أيام من العمل، فاطلب من زبونك أن يمهلك 12-13 يوما(على اعتبار أن 20 أو 30 بالمائة هي من باب الاحتياط)، ومن ثم فالوقت الإضافي الذي أخذته أصبح لك بعد أن كان عليك؛
• أما النقطة الثانية فلا بد من تقسيم العمل وتوزيعه على المدة التي حصلت عليها، وإليك المثال التالي:
- اليوم 1: قراءة الوثيقة بأكملها واستخراج الكلمات التقنية والبحث في المسارد، وجمع الأسئلة وبعثها إلى الزبون إن كانت لديك استفسارات أو أمور غامضة في النص؛
- اليوم 2 إلى اليوم 10: ترجمة 2017 كلمة كل يوم (18.000 كلمة تقريبا)؛
- اليوم 11: المراجعة اللغوية ومطابقة النص الهدف مع النص الأصلي؛
- اليوم 12: مراجعة الشكل والتنسيق ومطابقتهما للأصل، ومراجعة التنقيط وإرجاع العمل.

لا بد من أن تستشعر طيلة هذه الأيام إن كنت ستحترم أجل التسليم أو ستتأخر عن الموعد المحدد. عندئذ تذكر أنه يتعين عليك الاتصال بزبونك لطلب تمديد بيوم أو أكثر... وتذكر أن تفعل ذلك عند اللزوم قبل يوم تسليم العمل حتى تترك لدى زبونك انطباع الحرفية والواقعية وحتى لا تفاجئه بالتأخر في التسليم.

نعم، من الأفضل ألا تحتاج أبدا إلى ذلك، وأن تحترم آجالك، لكن وجب التذكير للاحتياط، ووجب ضبط آلية للطوارئ، والسبب أن المهنيّ يقرأ حساب كل الاحتمالات ويستبقها.


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

شكرا لك اخي و بارك الله لك في وقتك موضوع رائع

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :


مشكور موضوع رائع


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :

بارك الله فيك


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :

بارك الله فيك

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :

بورك فيك يا زميلنا


شكرا لك وبارك الله فيك واصللللللللللللللللللللللللللللللل

Thank you very mush
your sister............................

بارك الله فيك 1000 شكر

شكرا بارك الله فيكم

شكرا لك الأخ بن عيسى على المعلومات القيمة

بارك الله لك في وقتك

هذا أجمل و أهم موضوع رأيته في حياتي يستحق التثبيت بورك فيك كما بورك في زيت الزيتون و عسل النحل