نعم ايها الطيب مقالك هذا يعتبر بمثابة وصفة طبية
صالحة لاي زمان وفي كل مكان.
بعد 27 سنة اراها صالحة وتبقى الى الابد.
تلك هي الأخلاق التي لا بد أن نتحلى بها
وذلك الموقف الذي يمكن ات نتمسك به.
استاذنا الكريم بورك فيك.
تقبل تحياتي الاخوية ودمت بود.
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثاني :
روان علي شريف : شكرا جزيلا لك أخي الحبيب .
الله يرضى عليك ويوفقك لكل خير .
نسأل الله أن ينور لنا دربنا ما حيينا , آمين .
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثالث :
19-أنت بهذه الطريقة سبب غير مباشر لمن قال " الدين أفيون الشعوب ":
قلتُ في يوم من الأيام لمن أكد لي على أن طاعة الحكام واجبة والخروج عليهم ممنوع شرعا مهما ظلموا وفسقوا ومهما تخلوا عن الحكم بما أنزل الله , بل مهما حاربوا الحكم بما أنزل الله تعالى , قلتُ له :
" السكوت عن ظلم ولي الأمر , يشجعه على زيادة الظلم والطغيان . ليس هناك ما يعجبُ حكام العرب والمسلمين الظلمة والمتكبرين والمتجبرين وأمريكا وإسرائيل مثل قولك " حكام العرب يجب السمع والطاعة لهم , ولا يجوز الخروج عليهم " .
ومن هنا فإن أمريكا تشجع وحكام العرب والمسلمين يشجعون كثيرا التيار الذي يقول بهذا لأنه يوافقهم على الإسلام العصري الأمريكي الذي يدعو إلى الخنوع والخضوع والاستسلام للحكام مهما طغوا وتكبروا وتجبروا " .
ملاحظة :اسألني أخي الفاضل , وأنا أخبرك عن البعض من أحوال الحكام الظالمين , لأنني عانيتُ كثيرا في السجن , ومنه فأنا أعرِفُ تماما ما أقول لك .
والله إن الذين سجنوني عندما يرونني الآن خارج السجن , إما أنهم يجرون اتجاهي ليُـسلموا علي , وإما أنهم يهربون من طريقي . وفي الحالتين هم يعترفون ضمنيا بأنني على الحق وأنهم على باطل .
لقد كانوا يعذبونني ويتفننون في تعذيبي ويسبون أمامي الله والرسول وعلماء الإسلام ويستهزئون بالنبي محمد ويهددونني بالزنا وشرب الخمر و ... ويعذبونني ويعذبونني ثم يقولون لي " قل لربك ينزل ليدافع عنك ..."!.
ثم بعد ذلك يأتي الأخ الكريم ويقول لي هنا " طاعة الحكام واجبة , ولا يجوز الخروج عليهم" !!!. والله عندما يسمعُـها منك واحدٌ ممن كان يعذبني , ربما سيضحك عليك سخرية واستهزاء , حتى ولو كنتَ أنتَ قلتَ ما قلتَ بنية حسنة وطيبة .
إن الأمة الإسلامية أمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
وما زاد من طغيان حكام العرب والمسلمين وخضوعهم واستسلامهم للغرب وإسرائيل وأمريكا إلا سكوت الشعوب الإسلامية وخضوعها واستسلامها . ومن أهم من يشجع على الخضوع هو من يقول لنا
" حكام المسلمين يجب السمع والطاعة لهم كما يجب عدم الخروج عليهم ".
وبسبب هذه النظرة السلبية المتخاذلة قال ماركس قديما " الدين أفيون الشعوب " .
وبالفعل لو نأخذُ برأيك أنتَ أخي الفاضل ورأي من أخذتَ بقولهم , فإن الدينَ يصبح بالفعل عندئذ " أفيونَ شعوب " والعياذ بالله .
والحكام الظالمون والمستبدون والفاسقون والطغاة و ... الذين يحكمون بقوانين الكفر ومازالوا مصرين على عدم تحكيم شرع الله , بل إنهم يحاربون ويسجنون ويقتلون ويعذبون وينفون و ... من يطالب بالحكم بما أنزل الله .
هؤلاء الحكام ليس هناك ما يعجبكم مثل هذا الكلام الذي تقوله أنتَ , ولو بنية حسنة . إن الحاكم يضحك في نفسه ويسخر ممن يقول " طاعة الحاكم واجبة , ولا يجوز الخروج عليه " , لأنه يعلم يقينا أن هذا الكلام ينطبق على من يحكم بما أنزل الله ( كما كان الحال عندما كان الإسلام مطبقا - ولو مع ظلم وانحراف - وعندما كانت أحكام الإسلام سارية المفعول و ... خلال حوالي 14 قرنا , أي قبل أن تسقط الخلافة الإسلامية عام 1924 م ) . أما الآن ومع إصرار حكام المسلمين على محاربة الله ورسوله ومحاربة شرع الله تعالى فالحديث عن
" طاعة الحكام واجبة , ولا يجوز الخروج عليهم " كلام فارغ لا معنى له . وهذا الكلام مني لا يعني أبدا جواز الخروج بالطريقة الجاهلة التي تمتبعد 92 في الجزائر مثلا ولو بنية طيبة , ولا بالطريقة الفوضوية التي ينادي بها بعض الإخوة هنا وهناك ولو بنية حسنة .
ولكنني أريد فقط أن أنبه إلى :
1- فرق بين الحكومة الإسلامية الظالمة والحكومة التي لا تحكم أساسا بما أنزل الله .
2- عدم الخروج على الحكام شيء والسكوت عن ظلمهم وجبروتهم شيء آخر .
3- فرق بين السمع والطاعة لحكام المسلمين الظالمين في المسائل التقنية التي لا جنسية لها كقوانين المرور وغيرها كثير , والسمع والطاعة لهم في المسائل التي لها صلة بالاجتماع والاقتصاد والسياسة والتربية والتعليم و... والتي فيها أحكام شرعية صريحة وقطعية والحكام يخالفونها مع سبق الإصرار والترصد .
4- الخروج على حكام المسلمين الذين لا يحكمون بما أنزل الله ( وأؤكد على هذا ) واجب عند جمهور الفقهاء , ولكن السؤال المطروح هو كيف الخروج ؟! . وهو سؤال كبير وطويل وعريض يجيب عنه علماء لا عامة , وعلماء من هذا الزمان لا من زمان مضى , وعلماء عديدون لا عالم واحد , لأنه سؤال خطير جدا ويترتب عنه سفك دماء و ...
والله وحده أعلم بالصواب .
يتبع : ...
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الرابع :
يتبع بإذن الله مع : ...
20-الأخوة والمحبة في السجن نعمة عظيمة جدا :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الخامس :
20-الأخوة والمحبة في السجن نعمة عظيمة جدا :
أذكر أننا عندما كنا في سجن البرواقية ( ولاية المدية ) لمدة عام ونصف , قضينا سنة ونصف السنة كفترة من أحسن فترت حياة كل واحد منا الخاصة , أو قضينا أياما هي من أحسن الأيام في حياتنا . وفي المقابل قضينا في نفس الفترة أياما هي من أسوأ الأيام في حياتنا .
السجن كأي شيء آخر فيه الخير الكثير وفيه الشر الكبير .
كان في السجن الجوع والعطش والألم والحزن والتعذيب النفسي والبدني والإذلال والإهانة والظلم والقهر والتعدي والإساءة والفساد والإفساد , وسب الله ورسوله وعلماء الإسلام وشتم الصحابة رضوان الله عليهم , والتهديد بالإكراه على الزنا وعلى شرب الخمر ... الخ ...
ولكن كان في السجن كذلك الأخوة والمحبة والتكافل والبكاء من خشية الله والذكر والدعاء الصادقان والخالصان ورؤية الرسول سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام في المنام وتعلم الدين وحفظ القرآن وقوة الإيمان والثبات على الحق والاستهانة بالباطل مهما علا وتكبر وتجبر والاعتزاز بالحق والاستعداد في كل وقت للتضحية بالنفس رخيصة في سبيل الله تعالى و ... وهكذا ...
ومما أذكره من حسنات السجن فيما بين نوفمبر 1982 م وماي 1984 م الأخوة الكبيرة والمحبة العظيمة التي كانت فيما بيننا وكذا سعة الصدر وطول البال أثناء خلافاتنا مع بعضنا البعض . نختلف – طبعا في مسائل دينية أو دنيوية , فرعية وثانوية واجتهادية - فيما بيننا .
ويسيء الواحد منا إلى الآخر في حوالي 1 % من الأحوال , ولكن والحمد لله وفي حوالي 99 % من خلافاتنا كان شعارنا قولا وعملا , قانونا وتطبيقا هو " رأيي صواب ولكنه يحتمل الخطأ ورأيك خطأ ولكنه يحتمل الصواب " و " نتفق ونحن إخوة ونختلف ونحن إخوة كذلك " و
" اختلافاتنا يجب أن تكون رحمة لا نقمة " و " نختلف ولكن لا يجوز أن يفسد اختلافنا الود الذي يجب أن يكون بيننا " و " المحافظة على الأخوة الإسلامية ومقتضياتها واجب من أهم واجبات الإسلام " .
ومنه فإنني أؤكد على أننا اختلفنا فيما بيننا في مئات المسائل أو آلاف , ومع ذلك لا يقول أحدنا للآخر أبدا ما يسيئه أو يجرحه أو يقلقه أو يؤذيه أو ... ولا يسب أحدنا الآخر ولا يشتمه أبدا , ولا يسخر أحدنا أبدا من الآخر ولا يستهزئ به في أية لحظة , ولا يُـنفِّر أحدنا أبدا من أخيه ولا يُحذر منه أبدا مهما كان . وأؤكد على أنه لم يقل أحدنا لآخر أبدا أبدا أبدا " أنت ضال أو منحرف أو فاسق أو فاجر أو مائع أو منحل أو مبتدع أو... أو أنت تكذب أو تسرق أو تخون أو ... " . لم يحدث هذا أبدا أبدا أبدا لا في النوم ولا في اليقظة . وحلاوة الجو الإيماني الذي كنا نعيشه في السجن وكذا بركات الأخوة والمحبة التي كنا نستظل بظلالها لا يحس بها إلا من عاشها , ومع ذلك نسأل الله أن يعافينا جميعا من السجن" لا تتمنوا لقاء العدو , ولكن إذا لقيتموه فاثبتوا ".
وكنتُ في تلك الفترة أقدم لإخواني ال 20 الموجودين معي في السجن درسا أسبوعيا في فقه العبادات على المذهب المالكي مقارنا بالمذاهب الأربعة الأخرى ( الشافعي وأحمد وأبو حنيفة وبن حزم ) , وكنت في دروسي هذه أركز على جملة أشياء منها :
1- تعلم أحكام العبادات على مذهب الإمام مالك .
2- مقارنة مذهب الإمام مالك ببقية المذاهب والتأكيد على أن كل المذاهب محترمة وكلها تشكل الإسلام العظيم وأنه لا يجوز التعصب لواحد منها ولا ضد واحد منها .
3- تعلم فقه الاختلاف والاستفادة منه في سائر شؤون حياتنا الدينية والدنيوية .
وفي المقابل كان الكثير الكثير من الإخوة الإسلاميين المعتقلين في الجزائر في الفترة ما بين 1992 م و 2000 م , كانوا في بعض المعتقلات يختلفون فيما بينهم بالليل والنهار في مسائل ثانوية فرعية اجتهادية في الدين أو في الدنيا . وبسببها يسخر بعضهم من بعض ويشتم بعضهم بعضا ويحذر بعضهم من بعض , و... وكانوا يعيشون كأنهم خصوم وأعداء وكأنهم ليسوا إخوة في الدين وليسوا دعاة إلى الله وليسوا مساجين ومعتقلين في سبيل الله , و... ووصل بالبعض منهم الجهل والتعصب للأسف إلى درجة أنهم أصبحوا يصلون في المعتقل جماعة من خلال أكثر من جماعة واحدة للصلاة المفروضة الواحدة , وذلك بسبب الاختلاف والتعصب لمسائل بسيطة جدا لا يجوز أبدا التعصب لها أو التشدد من أجلها , لأنها إما متعلقة بمستحبات أو سنن فقط , أو بواجبات أو فروض خلافية بين الفقهاء والعلماء .
21- " سي عبد الحميد , وعمي عبد الحميد , والأخ عبد الحميد " :
أنا هنا أذكر جانبا هزليا بسيطا جدا من حياتنا التي كنا نعيشها في السجن في السجن , والذي كنا من خلاله نُرِّوح به عن أنفسنا ونقوي من خلاله أنفسنا على عبادة الله وكذا على الصبر على متاعب السجن والتحقيق والتعذيب و ... كنا في السجن في الفترة الممتدة من نوفمبر 1982 م وماي 1984 م ,كنا 21 شخصا : أنا ومعي 20 آخرون .
وكنا ثلاثة أشخاص أسماؤنا " عبد الحميد " .
ومنه اقترح علينا في يوم من الأيام الأخ ... الذي كان أستاذ عربي في الثانوية ثم في الجامعة , رحمه الله , لأنه مات خلال السنوات الحمراء العشرة بالجزائر , أي سنوات التسعينات . قلتُ : اقترح علينا الأخ أمرا حتى لا تختلط الأسماء بين الإخوة بين عبد الحميد وعبد الحميد وعبد الحميد .
اقترح علينا اقتراحا اتفقنا عليه جميعا , وبقينا نعمل به طيلة العام والنصف وحتى خروجنا من السجن في ماي 1984 م , بعد أن حكمت محكمة أمن الدولة بالمدية , حكمت علينا جميعا بالبراءة .
اقترح الأخ الفاضل رحمه الله رحمة واسعة ورزقه أجر الشهداء , لأنه مات مقتولا .
اقترح أن ينادى الإخوة :
1- على الأول ( وكان طبيبا إسمه ... عبد الحميد ) ب " سي عبد الحميد " .
وسي معناها " السيد " , وهي كلمة تطلق على الشخص كدلالة على احترامنا وتقديرنا له ولعلمه , كما نقول اليوم للمطلع على الإسلام " يا شيخ " .
2- وعلى الثاني ( وكان طالبا في جامعة بضواحي الجزائر العاصمة , إسمه ... عبد الحميد ) ب " الأخ عبد الحميد " .
3- وأن ينادى علي أنا ( عبد الحميد رميته ) , بـ " عـمي عبد الحميد " .
ومع أنني لم أكن الأكبر سنا في ذلك الوقت , بل كان عمري آنذاك 27 عاما وكان الشيخ عباسي مدني مثلا يرقد بجانبي في ذلك السجن وفي تلك الفترة , كان عمره حوالي 53 سنة أي أن سنه كان ضعف عمري أنا , إلا أن الأخ اقترح على إخواني مناداتي ب" عمي " من جهة للتفريق بيني وبين الآخرين ومن جهة أخرى من باب الاحترام والتقدير لمن نقول له " عمي " حتى وإن كان في السن أصغر منا .
وكم كانت تعجبني كلمة " عمي عبد الحميد " التي سمعتها بعد ذلك من إخواني خلال فترة السجن كلها , سمعتها منهم آلاف المرات .
وفقني الله وأهل المنتدى جميعا لكل خير , آمين .
يتبع : ...